رجاء لا تطلب مني أن اصمت. إسمحلي اتنفس(6)


 رجاء لا تطلب مني أن اصمت. إسمحلي اتنفس(6)

كانتا قريتين متجاورتين، إحداهما حاضرة البحر و الاخرى لا يصلها الماء من كل جانب، و "بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا". من ذهب من إحداهما الى الاخرى لا يعود. ما جعل الاساطير تنتشر بين سكان القريتين. و خاصة عن الشر المعشعش في كل قرية. و تذكرون قصة الغارة التي قام بها جنود القرية التي لا يصلها الماء، على القرية حاضرة البحر ذات شتاء من القرن الماضي، و كيف أنهم أخذوني أنا و إخوتي ووالدتي الحامل الى قريتهم. و كيف ربوني و علموني لاصير واحدا منهم، و أومن بأساطيرهم، و منها أسطورة الوحش الذي يحتل قريتي حاضرة البحر. و كيف أن والدي، لم يكن محظوظا مثلي و بقي في أسر الوحش في القرية، و كيف عدت ابحث عنه بعد بضع سنين. و كيف دخلت القرية خائف اترقب. وأني وجدت أبي سالما معافا، و كيف كانت رحلة البحث عن والدي سببا من الله في فك عقدة الوحش الاسطوري الذي كان يحتل القرية. و أني أعلنت عن اكتشافي المذهل عبر وسائل الاعلام.

بقي كيف وصلت أخبار اكتشافي العظيم الى قريتي التي لا يصلها الماء من كل جانب؟. 

لانها قرية معزولة عن العالم، في صحراء قاحلة، ليس بها زراعة و لا موارد، يعيش سكانها الذين ما زالوا يسكنون الخيم على المعونات التي يقدمها لهم الرهبان. فالرهبان وحدهم من يملكون اجنحة و يستطيعون الخروج من القرية، يتسولون لدى القرى البعيدة المؤونة و الدواء لسكان القرية.

و بكراماتهم أنهم ذوي اجنحة مثنى و ثلاث و رباع، و أنهم أولي النعمة في المأكل و المشرب و الدواء و الهواء و الحياة و الموت. اصبح الرهبان سادة القرية.

عقيدة الرهبان الذين يحكمون القرية التي لا يصلها الماء من كل جانب، مبنية على الخرافات و الاساطير. و اهمها أسطورة الوحش الذي يحتل القرية حاضرة البحر المجاورة " ، التي كان رزق الناس يأتيهم فيها من مكان.

لما سمع الرهبان بالندوة الصحفية التي عقدت بمدينة السمارة، و أني عائد الى القرية. أعلنوا الطواري و غلقوا الابواب، و جمعوا سكان القرية. و قالوا لهم: يا قوم، من نحن فيكم.

 قال القوم أنتم سادتنا و كبراؤنا.

 قال الكهنة: إنما تعلمون أننا ما نريكم الا ما نرى، و لا نهديكم الا سبل الرشاد..و إن ما سمعتموه هو نعيق حمار يريد أن يفسد عقيدتكم. و قد حدث في السنن الاولى أن حمارا كان يتجول في الغابة فوجد أسدا ميتا، و خطر له أن يلبس جلده و يتقنع به، ليرى كيف ستكون ردة فعل أهل البلدة، إن هم رأوه في جلد سبع.

لبس الحمار جلد الأسد، و عاد الى البلدة، ففر كل من فيها، ظنا منهم أنه أسد. و كان الحمار سيحكم القرية، لولا أن الله خلقه حمار. فالحمار عندما ينتشي يشعر بالرغبة في النهيق.

و في غمرة نشوته نسي الحمار أنه إنما كان يلبس جلد سبع، و غلبت عليه فطرته فنهق. و بذلك كشفه الله لأهل القرية، و عادوا الى حياتهم.

و هذا ما حصل مع مصطفى سلمة ولد سيدي مولود. لقد ربيناه فينا وليدا، و صبغنا عليه من نعمنا الوافرة، حتى أننا ألبسناه جلد أسد وجعلناه سيد شرطتنا ليدافع عن القرية من هجمات الكلاب و الذئاب. و لكنه خالف العوائد و خرج من القرية، و رأيتم ما حصل معه. فقد أصابته لعنة، حتى كشف ستره، و ظهر على حقيقته انه مجرد حمار من حمير القرية حاضرة البحر الذين رضوا بالذل و حكم الوحش، ونسي أننا نحن من ألبسناه جلد أسد فخرج على الملاء في التلفااااز ينهق، ظنا منه بأنه يزأر.. و العياذ بالله. و ليس من الغريب ان يكون قد أصاب بعضا من الحشيشة الخبيثة التي يقتات عليها الوحش الذي يحتل القرية حاضرة البحر، فزال عقله. و من أكل من تلكم الحشيشة يفسد عقله و دينه و لا يصلح له أن يعيش بينكم. لذلك حرصا منا عليكم و على عقيدتكم فإننا نحكم عليه بالنفي.

و للحكاية بقية....

#مصطفى سلمى 

إرسال تعليق

Please Select Embedded Mode To Show The Comment System.*

أحدث أقدم

نموذج الاتصال

تعريف الارتباط

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة.